عيد الموسيقى بفلسطين.. نافذة على القضية


عاطف دغلس-نابلس بمقطوعات شرقية وأخرى غربية، شاركت فرق موسيقية وغنائية مختلفة من فلسطين وخارجها في مهرجان "عيد الموسيقى" الفلسطيني. وعزفت ألحانا وطنية وكلاسيكية جابت سماء الضفة الغربية بمدنها وقراها ومخيماتها، مما أضفى أجواء من البهجة لم تخل من استحضار القضية وتسليط الضوء عليها. وينظم مهرجان الموسيقى بنسخته الفلسطينية للعام السابع على التوالي، وحمل في هذه الدورة عنوان "زوروا فلسطين"، وقد استوحى فكرته من الاحتفالات التي تقام بدول أوروبية بهذا العيد في الحادي والعشرين من يونيو/حزيران من كل عام. وقال إياد استيتي، منسق نشاطات جمعية الكمنجاتي الموسيقية بشمال الضفة الغربية –الجهة المشرفة على المهرجان- إن المهرجان يُنظم في كافة المدن الفلسطينية بالضفة وغزة، وبمشاركة فرق فلسطينية وأجنبية، ويقدم خمسين عرضا على مدى أسبوعين كاملين.
ويحاول القائمون على المهرجان من خلال فعالياته استقطاب أكبر دعم لفلسطين وقضيتها عبر تسليط الضوء على تراثها ومقدساتها الدينية بربطها ببعض فعاليات المهرجان وإقامتها فيها، وبإضفاء صبغة وطنية على بعض الأعمال المشاركة، وخاصة الفلسطينية، كتلحين أشعار فدوى طوقان وشقيقها إبراهيم ومحمود درويش. وتقدم بعض الفرق الفلسطينية عرضا لموشحات أندلسية وموشحات عربية أخرى قامت بتلحينها بنفسها.
حيوية شعب
وعلى الصعيد المحلي، يمكن للموسيقى أن توجه وتوجد جانبا من الاهتمام في الشارع الفلسطيني كما يقول استيتي، خاصة أن المهرجان يستهدف الفئات الأكثر تهميشا في المجتمع والمخيمات والمراكز النسوية والاجتماعية "وهو يُسهم بذلك ببناء عالم من الثقافة مثله مثل أي عنصر آخر يبني المجتمع".

وتشارك في المهرجان خمس عشرة فرقة فلسطينية، منها واحدة من مدينة الناصرة داخل أراضي 48 المحتلة وأخرى من غزة، إضافة لفرق أوركسترا فلسطينية وأجنبية وعازفين منفردين. وأضفت الفرق المشاركة أجنبية كانت أو فلسطينية صورة جمالية للموسيقى، باعتبارها قدمت شيئا ملتزما سواء، كان من المقطوعات الموسيقية أو الأغاني المصاحبة.
وهذه الفعاليات الثقافية في رأي استيتي تعبر عن أن الشعب الفلسطيني نابض بالحيوية ولديه روافد ثقافية ويستطيع أن يعبر عن نفسه بطريقة جميلة وخلاّقة، وهو ما يُعزّز حقه في الوجود التاريخي على أرضه كاملة".
من جهته يرى حكيم صبّاح منسق المعهد الفرنسي بنابلس، وهو الذي استقدم فرقة "جيزر" الفرنسية للهيب هوب للمشاركة في المهرجان، أن الهدف من المهرجان ونشاطاته، هو إيجاد حالة من التواصل والتضامن بين الفلسطينيين والأجانب، وبالتالي تسليط الضوء على المعاناة الفلسطينية عبر هذه الموسيقى.
ثقافة موسيقية
وهذه المعاناة كما يراها المغني قائد فرقة هيب هوب جيزر الفرنسي سيرج هي واقع حال الفلسطينيين، مشيرا إلى أنه "عايش ذلك من خلال تنقلاته خلال الأيام القليلة الماضية بين مدن الضفة، ولاحظ الفرق بين حياة الفلسطينيين والإسرائيليين وظهر ذلك جليا في الأبراج والجدران التي تقيمها إسرائيل".

وأحيا سيرج وفرقته حفلا أقامه المعهد الفرنسي بجامعة النجاح بنابلس ضمن مهرجان عيد الموسيقى عصر السبت.
وقال الموسيقي الفرنسي للجزيرة نت إنه جاء وفرقته "لتغيير الصورة النمطية التي تتداول لدى الفرنسيين عن أن الفلسطينيين يعيشون بسلام وأمان والحقيقة أن وضعهم مأساوي ويعيشون معاناة مضاعفة، ورغم ذلك لديهم رسالة بالأمل والإصرار على العيش بكرامة".
واستوحى سيرج أشعاره من بعض ما رآه في فلسطين التي ينوي تلحينها وغناءها، باعتبار أن ذلك كما يقول سيكون "رسالته للفرنسيين وغيرهم عن الفلسطينيين وأحوالهم". وأضاف أن الشباب الفلسطيني مثقف ولديه قدرة على قبول الآخر والثقافات الأخرى، وهو ما سهّل مهمته وزملائه في إحياء حفلاتهم، مشيرا إلى أنه سيتوجه إلى غزة للغرض ذاته.
ولدى الفلسطينيين حركة موسيقية جيدة، كما يقول مدير معهد إدوارد سعيد للموسيقى بنابلس حبيب الديك، غير أنهم ما زالوا بحاجة للثقافة الموسيقية التي تنصب حول الموسيقى الكلاسيكية الغربية كما يبدعون بنظيرتها الشرقية. وقال للجزيرة نت إن مثل هذه المهرجانات تتيح المجال أمام الفلسطينيين لتطوير أنفسهم موسيقيا وإكسابها خبرات مختلفة.